مدخل في الوسطية
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه، أما بعد :
الوسطية ترجع في أصل وضعها اللغوي إلى مادة وسط، وهي
دالة على جملة من المعاني تتقارب من حيث دلالتها، ومنها: العدل، والخيار، والتوسط
بين الجيد والردئ، وبين القادمة والآخرة، والإصبع الوسطى، والصلاة الوسطى،
والوساطة، والإكرام، وواسط وهو لفظ يطلق على مواضع متفرقة من البلاد الإسلامية
أشهرها واسط وهي مدينة بالعراق بين البصرة والكوفة .
وأما في الاصطلاح الشرعي فإن الوسط لا يخرج عن مقتضى اللغة،
وقد استخدم القرآن لفظ الوسط معبراً فيه عن إحدى خصائص هذه الأمة، وإحدى قواعد
منهجيتها، قال تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا) ، ويمكن القول
إن الوسطية اصطلاحاً: " سلوك محمود - مادي أو معنوي - يعصم صاحبه من الانزلاق
إلى طرفين مُتقابلين - غالبًا - أو مُتفاوتين، تتجاذبهما رذيلتا الإفراط
والتفريط، سواء في ميدان ديني أم دنيوي".[1]
قال الأستاذ د.
ذوالكفلي بن محمد البكري و الأستاذ محمد عيزم بن مسعود في بحيثهما عن معنى
الوسطية, وهي عدولا و خيارا.[2] قال
ابن كثير في تفسيره[3]
عن أية 142في سورة البقرة عن الوسط[4] : العدل، فتدعون، فتشهدون له بالبلاغ، ثم أشهد عليكم[5].
أوضح الأستاذ الدكتور
صالح بن عبدالله بن حميد[6] رئيس
المجلس الأعلى للقضاء بمناسبة انطلاق مؤتمر دور الجامعات العربية في تعزيز مبدأ الوسطية
بين الشباب العربي : أنه من المعلوم أن أمة الإسلام هي الأمة الوسط على حد قول الله
سبحانه : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى
النَّاسِ ) ، كما أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بالتوسط في جميع الأمور وما خير بين
أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً وقال عليه الصلاة والسلام كما في صحيح البخاري
: ( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه )،كما أمر بالاعتدال وسلوك مسلك السداد
والمقاربة ، وحذر من كل اتجاه ينزع إلى الغلو في الدين أو يقود إلى التشدد والعسر ،
وأنكر على من توجه نحو المبالغة في التعبد والتقشف كما في قصة الرهط الذين جاءوا إلى
بيوت أزواجه عليه الصلاة والسلام يسألون عن عبادته فلما علم بخبرهم قام في أصحابه خطيباً
قائلاً : ( أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له ولكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء
فمن رغب عن سنتي فليس مني ) رواه البخاري ومسلم.[7]
وقول الجملة : الوسط والمسلك الوسط هو مسلك الإسلام، والله عزَّ
وجلَّ يقول: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ
عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة:143] فالوسط هو
الخيار، والوسط هو ما يكون بين الطرفين طرفي الإفراط والتفريط، والغلو والجفاء،
فقد اختلفت فيها الحوادث حتى أصبحت طرفاً.
___________________________________________________
تغكو إبراهيم حلمي بن تغكو محمدالطالب في بكالريوس الشريعة والقانونالكلية الجامعية الإسلامية العالمية بسلانجور
[1] أحمد بن حسن المعلم , الوسطية في ضوء القواعد الكلية والمقاصد
الشرعية دراسة في المفهوم والدلالات, http://mualm.com/site/index.php?option=com_content&view=article&id=655:2010-12-23-06-09-23&catid=74:2010-07-26-13-58-59&Itemid=227
[6] الشيخ صالح
بن عبد الله بن محمد بن حميد . عالم دين سعودي من آل حميد من قبيلة بني خالد, من مواليد
بريدة سنة 1369هـ. شغل منصب رئيس مجلس الشورى من 8 فبراير
2002. حتى تعيينه رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء
في السعودية من 15 فبراير 2009. وحتى 17 مارس 2012 حين أُعفي وعُيّن مستشارًا في الديوان
الملكي.
1 comments:
ini sebenarnya adalah dpd assignment saya yg tajuk asalnya : "wasathiyyah fi 'ahdi Uthmaniyyah" [Wasathiyyah pada era Uthmaniyyah]
Post a Comment